الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
هَلْ يُصَلِّي الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَرْجُومِ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، حَدَّثَنَا دَاوُد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ رَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا مِنْ الْعَشِيِّ فَقَالَ : أَوَكُلَّمَا انْطَلَقْنَا غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ , عَلَى أَنْ لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلاَّ نَكَّلْتُ بِهِ قَالَ : فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ ، وَلاَ سَبَّهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ أَمَرَ بِمَاعِزٍ يُرْجَمُ فَطَوَّلَ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ حَتَّى كَادَ النَّاسُ يَعْجِزُونَ عَنْهَا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ , فَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى رَمَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِلَحْيِ بَعِيرٍ فَأَصَابَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ , فَقَالَ رَجُلٌ لِمَاعِزٍ حِينَ فَاضَتْ نَفْسُهُ : أَتُصَلِّي عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : لاَ , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى الظُّهْرَ فَطَوَّلَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ كَمَا طَوَّلَهُمَا بِالأَمْسِ , أَوْ أَخَّرَ بِأَشْيَاءَ , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَالنَّاسُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَى فَأَعْرَضَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى , فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. قال أبو محمد رحمه الله : فَذَهَبَ إلَى هَذَا قَوْمٌ فَقَالُوا : لاَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَى الْمَرْجُومِ وَالْمَرْجُومَةِ كَسَائِرِ الْمَوْتَى ، وَلاَ فَرْقَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : إنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ. قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ , وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ , فَرِوَايَةُ الدَّبَرِيِّ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ " وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ " وَرِوَايَةُ مَحْمُودٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ " وَصَلَّى عَلَيْهِ " فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا وَهِمَ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْغَامِدِيَّةِ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا , ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ يَعْنِي ابْنَ هَاشِمٍ الدَّسْتُوَائِيَّ ني أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ني أَبُو قِلاَبَةَ أَنَّ أَبَا الْمُهَلَّبِ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ قَالَ : لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ , وَهَلْ وَجَدْتَ بِأَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ . فَفِي هَذِهِ الآثَارِ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الْجُهَيْنِيَّةِ بِنَفْسِهِ بِلاَ خِلاَفٍ , وَأَمْرُهُ بِالصَّلاَةِ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ بِلاَ خِلاَفٍ , وَصَلاَتُهُ عَلَى مَاعِزٍ رضي الله عنه بِاخْتِلاَفٍ , وَهَذِهِ الآثَارُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَبِهَذَا يَقُولُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه رُجِمَ شُرَاحَةُ فَقَالُوا : كَيْفَ نَصْنَعُ بِهَا قَالَ : اصْنَعُوا بِهَا كَمَا تَصْنَعُونَ بِنِسَائِكُمْ إذَا مُتْنَ فِي بُيُوتِكُمْ قال أبو محمد رحمه الله : وَاَلَّذِي نَصْنَعُ بِنِسَائِنَا إذَا مُتْنَ فِي بُيُوتِنَا هُوَ أَنْ يُغَسَّلْنَ وَيُكَفَّنَّ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِنَّ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فِي امْرَأَةٍ أَحَلَّتْ نَفْسَهَا , أَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ خَامِسَةً , أَوْ دَلَّسَتْ , أَوْ دَلَّسَتْ بِنَفْسِهَا لأََجْنَبِيٍّ قال أبو محمد رحمه الله : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ تَقُولُ لِلرَّجُلِ : إنِّي حِلٌّ لَك , فَيَمَسُّهَا عَلَى ذَلِكَ فَتَلِدُ مِنْهُ : أَنَّهُ يُرْجَمُ ، وَلاَ يَرِثُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ قال أبو محمد : لَيْسَ لأََحَدٍ أَنْ يُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى , فَإِحْلاَلُهَا نَفْسَهَا بَاطِلٌ وَهُوَ زِنَى مَحْضٌ وَعَلَيْهِ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ إنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ ، وَلاَ يُلْحَقُ فِي هَذَا وَلَدٌ أَصْلاً إذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدٌ , فَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا , وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَاهِلاً وَالآخَرُ عَالِمًا , فَالْحَدُّ عَلَى الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ. وَعَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةٍ انْطَلَقَتْ إلَى جَارِيَتِهَا فَهَيَّأَتْهَا بِهَيْئَتِهَا وَجَعَلَتْهَا فِي حَجْلَتِهَا وَجَاءَ زَوْجُهَا فَوَطِئَهَا , قَالَ : تُنْكَلُ الْمَرْأَةُ ، وَلاَ جَلْدَ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى الْجَارِيَةِ حَدُّ الزِّنَى إنْ كَانَتْ تَدْرِي أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً دَلَّسَتْ نَفْسَهَا لأََجْنَبِيٍّ فَوَطِئَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ : فَهِيَ زَانِيَةٌ تُرْجَمُ وَتُجْلَدُ إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَوْ تُجْلَدُ وَتُنْفَى , إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ ، وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ قال أبو محمد : فِي امْرَأَةٍ وُجِدَتْ مَعَ رَجُلٍ وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَتْ : تَزَوَّجَنِي : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجَمَ امْرَأَةً كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ فَجَاءَتْ أَرْضًا فَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ تَشُكَّ أَنَّ مَا جَاءَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا ، وَلاَ طَلاَقُهُ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : نَرَى فِي امْرَأَةٍ حُرَّةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَتَحَوَّلَتْ أَرْضًا أُخْرَى فَتَزَوَّجَتْ رَجُلاً , قَالَ : نَرَى عَلَيْهَا الْحَدَّ ، وَلاَ نَرَى عَلَى الَّذِي تَزَوَّجَهَا شَيْئًا , وَلاَ عَلَى الَّذِي أَنْكَحَهَا إنْ كَانَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ. قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً , فَإِنَّ حُمَامًا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْخَامِسَةَ قَالَ : يُجْلَدُ , فَإِنْ طَلَّقَ رَابِعَةً مِنْ نِسَائِهِ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الَّتِي طَلَّقَ : جُلِدَ مِائَةً وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فِي رَجُلٍ نَكَحَ الْخَامِسَةَ فَدَخَلَ بِهَا , قَالَ : إنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنَّ الْخَامِسَةَ لاَ تَحِلُّ : رُجِمَ , وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً جُلِدَ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ , وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا , ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، وَلاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا , فَإِنْ وَلَدَتْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدُهَا. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الَّذِي يَنْكِحُ الْخَامِسَةَ مُتَعَمِّدًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ : أَنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةً ، وَلاَ يُنْفَى. وَقَالَ آخَرُونَ غَيْرَ هَذَا : كَمَا رُوِيَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ : سَأَلْت ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْأُخْتَ عَلَى الْأُخْتِ , وَالْخَامِسَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ قَالَ : يُرْجَمُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَسَمِعْت اللَّيْثَ يَقُولُ ذَلِكَ. وقال مالك , وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا : يُرْجَمُ إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ : لاَ حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً يَحْتَجُّ بِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا مُتَّصِلاً بِهِ فِي الْكَلاَمِ فِي الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ وَلَهَا زَوْجٌ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ هُنَالِكَ أَيْضًا بِمَا جُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ زَوَاجًا , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَهُ , وَإِذْ لَيْسَ زَوَاجًا فَهُوَ عَهْرٌ , فَإِذَا هُوَ عَهْرٌ فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى وَعَلَيْهَا كَذَلِكَ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ ، وَلاَ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ أَصْلاً , فَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ فَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ , وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَاهِلاً وَالآخَرُ عَالِمًا فَالْحَدُّ عَلَى الْعَالِمِ ، وَلاَ شَيْءَ عَلَى الْجَاهِلِ , وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ يُجْلَدُ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَا ذَكَرْنَا هُنَالِكَ مِنْ أَنَّهُ زَانٍ أَوْ غَيْرُ زَانٍ , فَإِنْ كَانَ زَانِيًا فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلاً , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ زَانٍ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , لأََنَّ بَشَرَتَهُ حَرَامٌ إِلاَّ بِقُرْآنٍ أَوْ بِسُنَّةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا وَمَنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدِهِ ثُمَّ وَطِئَ قال أبو محمد رحمه الله : رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهَا دُونَ الْحَدِّ , وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي امْرَأَةٍ نُكِحَتْ فِي عِدَّتهَا عَمْدًا , قَالَ : لَيْسَ عَلَيْهَا حَدٌّ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِمِثْلِهِ قال أبو محمد رحمه الله : وَالْإِسْنَادُ إلَى عُمَرَ مُنْقَطِعٌ , لأََنَّ سَعِيدًا لَمْ يَلْحَقْ عُمَرَ رضي الله عنه سَمَاعًا إِلاَّ نَعْيَهُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَلاَ تَخْلُو النَّاكِحَةُ فِي عِدَّتِهَا بِأَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ , أَوْ تَكُونَ جَاهِلَةً بِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ , أَوْ غَلِطَتْ فِي الْعِدَّةِ : فَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً , أَوْ غَلِطَتْ فِي الْعِدَّةِ : فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا , لأََنَّهَا لَمْ تَعْمَدْ الْحَرَامَ , وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْغَلَطِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ , وَلَمْ تَغْلَطْ فِي الْعِدَّةِ : فَهِيَ زَانِيَةٌ وَعَلَيْهَا الرَّجْمُ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَضْرِبَهَا عُمَرُ رضي الله عنه تَعْزِيرًا لِتَرْكِهَا التَّعَلُّمَ مِنْ دِينِهَا مَا يَلْزَمُهَا ; فَهُوَ مَكَانُ التَّعْزِيرِ. وَأَمَّا مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ فِي الْعَمْدِ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ إنْ طَرَدَ قَوْلَهُ لَزِمَهُ الْمَصِيرُ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ وَأَنَّهَا حَرَامٌ وَعَمَّنْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ كَذَلِكَ , أَوْ أُخْتَهُ كَذَلِكَ , وَتَزَوَّجَ نِسَاءَ النَّاسِ وَهُنَّ تَحْتَ أَزْوَاجِهِنَّ عَمْدًا دُونَ طَلاَقٍ , وَلاَ فَسْخٍ وَهَذَا هُوَ الْإِطْلاَقُ عَلَى الزِّنَى , بَلْ هُوَ الأَسْتِخْفَافُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , وَأَمَّا مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ فِي بَعْضٍ , فَتَنَاقُضٌ. فَإِنْ تَعَلَّقُوا بِعُمَرَ فَقَدْ قلنا : إنَّهُ لَيْسَ فِي الأَثَرِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَلاَ بِالتَّحْرِيمِ فَلاَ مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ , وَهُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ لاَ يَحِلُّ , فَالْفَرْجُ بِهِ لاَ يَحِلُّ , وَلاَ يَصِحُّ بِهِ زَوَاجٌ , فَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ كَمَا كَانَا , وَالْوَطْءُ فِيهِ مِنْ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ زِنًى مُجَرَّدٌ مَحْضٌ , وَفِيهِ الْحَدُّ كَامِلاً مِنْ : الرَّجْمِ أَوْ الْجَلْدِ , أَوْ التَّعْزِيرِ ، وَلاَ يَلْحَقُ فِيهِ وَلَدٌ أَصْلاً ، وَلاَ مَهْرَ فِيهِ , وَلاَ شَيْءَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً فَلاَ حَدَّ , وَلاَ يَقَعُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ إِلاَّ لِحَاقَ الْوَلَدِ فَقَطْ , لِلْإِجْمَاعِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا مَنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا ثُمَّ وَطِئَ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ , فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلاً وَعَلَيْهَا كَذَلِكَ , لأََنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ , فَإِنْ كَانَ جَاهِلاً , فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ هَاهُنَا , لأََنَّهُ وَطِئَ فِيمَا لاَ عَقْدَ لَهُ مَعَهَا لاَ صَحِيحًا ، وَلاَ فَاسِدًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ مَنْ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا فَعَزَّرَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى الرِّجَالِ وبه إلى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي امْرَأَةٌ كَمَا تَرَى , غَيْرِي مِنْ النِّسَاءِ أَجْمَلُ مِنِّي , وَلِي عَبْدٌ قَدْ رَضِيت أَمَانَتَهُ , فَأَرَدْت أَنْ أَتَزَوَّجَهُ فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى الْعَبْدِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا , وَأَمَرَ بِالْعَبْدِ فَبِيعَ فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ ابْنِ سَمْعَانَ قَالَ : كَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ نَكَحَتْ عَبْدَهَا , فَتَلَهَّفَ عَلَيْهَا وَهَمَّ بِرَجْمِهَا , ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا , وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : لاَ يَحِلُّ لَك مِلْكُ يَمِينِك قال أبو محمد رحمه الله : الْقَوْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَاحِدٌ , كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلاَ يَجُوزُ عَقْدُهُ , فَإِنْ وَقَعَ , فُسِخَ أَبَدًا , لأََنَّهُ لَيْسَ نِكَاحًا صَحِيحًا جَائِزًا , فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الْوَطْءُ , فَالْعَالِمُ بِتَحْرِيمِهِ زَانٍ عَلَيْهِ الْحَدُّ حَدُّ الزِّنَى كَامِلاً فَهُوَ أَوْ هِيَ أَوْ كِلاَهُمَا وَمَنْ كَانَ جَاهِلاً , فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَالْوَلَدُ فِيهِ لاَحِقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَمَنْ قَذَفَ الْجَاهِلَ حُدَّ لأََنَّهُ لَيْسَ زَانِيًا , وَلَوْ كَانَ زَانِيًا لَحُدَّ حَدَّ الزِّنَى ، وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ عَبْدُهَا , فَإِنْ وَطِئَهَا فَكَمَا قلنا : إنْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ فَهِيَ زَانِيَةٌ وَتُرْجَمُ , وَيَجْلِدُهَا إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَوْ تُجْلَدُ وَتُنْفَى إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وَالْعَبْدُ كَذَلِكَ , وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ , فَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا , وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهَا أَمَّا التَّفْرِيقُ فَلاَ بُدَّ مِنْهُ , وَأَمَّا التَّحْرِيمُ عَلَى الرِّجَالِ فَلاَ يَحْرُمُ بِذَلِكَ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ , وَلاَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ أَعْتَقَتْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ , لأََنَّهُ عُلِّقَ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ , وَإِذَا بَطَلَ الشَّرْطُ بَطَلَ كُلُّ عَقْدٍ لَمْ يُعْقَدْ إِلاَّ بِذَلِكَ الشَّرْطِ , وَلاَ يَجُوزُ إنْفَاذُ الْعَقْدِ , لأََنَّ الْعَاقِدَ لَهُ لَمْ يَعْقِدْهُ قَطُّ مُنْفَرِدًا مِنْ الشَّرْطِ , فَلاَ يَحِلُّ أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ عَقْدٌ لَمْ يَعْقِدْهُ عَلَى نَفْسِهِ قَطُّ , لأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ قُرْآنٌ , وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ. فَإِنْ أَعْتَقَتْهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَوَاجًا صَحِيحًا فَهُوَ جَائِزٌ قال أبو محمد رحمه الله : فَإِنْ قَالُوا : مِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ الْحَدَّ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ قلنا : إنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدْ هَمَّ بِرَجْمِهَا فَلَوْلاَ أَنَّ الرَّجْمَ عَلَيْهَا كَانَ وَاجِبًا مَا هَمَّ , وَإِنَّمَا تَرَكَ رَجْمَهَا إذْ عَرَفَ جَهْلَهَا بِلاَ شَكٍّ. وَنَحْنُ أَيْضًا لاَ نَرَى حُجَّةً فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ إذْ تَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تُحَرِّمُوهَا عَلَى الرِّجَالِ فِي الأَبَدِ , كَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الأَسَدِيِّ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ أُوتَى بِمُحَلِّلٍ أَوْ مُحَلَّلٍ لَهُ إِلاَّ رَجَمْته قال أبو محمد : عَهِدْنَا بِالْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ , يُعَظِّمُونِ خِلاَفَ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ , وَكُلُّهُمْ قَدْ خَالَفُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُمْ يُقَلِّدُونَهُ فِيمَا هُوَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ لاَ تَصِحُّ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ انْعَقَدَ سَالِمًا مِمَّا يُفْسِدُهُ , وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّحْلِيلُ وَالطَّلاَقُ فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ تَامٌّ لاَ يُفْسَخُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لأََنَّ كُلَّ نَاكِحٍ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلاَثًا فَهُوَ مُحَلِّلٌ ، وَلاَ بُدَّ , فَالتَّحْلِيلُ الْمُحَرَّمُ هُنَا : هُوَ مَا انْعَقَدَ عَقْدًا غَيْرَ صَحِيحٍ. وَأَمَّا إذَا عُقِدَ النِّكَاحُ عَلَى شَرْطِ التَّحْلِيلِ ثُمَّ الطَّلاَقِ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ , وَنِكَاحٌ فَاسِدٌ , فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ وَالْحَدُّ , لأََنَّهُ زِنًا , وَعَلَيْهَا إنْ كَانَتْ عَالِمَةً مِثْلُ ذَلِكَ , وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلاً فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ , وَلاَ صَدَاقَ , وَالْوَلَدُ لاَحِقٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِالشِّغَارِ , وَالْمُتْعَةِ وَالْعَقْدِ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , أَيُّ شَرْطٍ كَانَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلزِّنَى , أَوْ لِلْخِدْمَةِ وَالْمُخْدِمَةِ قال أبو محمد : حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ني مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ : أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقْبَلْت أَسُوقُ غَنَمًا لِي فَلَقِيَنِي رَجُلٌ فَحَفَنَ لِي حَفْنَةً مِنْ تَمْرٍ , ثُمَّ حَفَنَ لِي حَفْنَةً مِنْ تَمْرٍ ثُمَّ حَفَنَ لِي حَفْنَةً مِنْ تَمْرٍ , ثُمَّ أَصَابَنِي فَقَالَ عُمَرُ : مَا قُلْت فَأَعَادَتْ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ : مَهْرٌ مَهْرٌ مَهْرٌ ثُمَّ تَرَكَهَا. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَ، هُوَ ابْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ امْرَأَةً أَصَابَهَا الْجُوعُ فَأَتَتْ رَاعِيًا فَسَأَلَتْهُ الطَّعَامَ فَأَبَى عَلَيْهَا حَتَّى تُعْطِيَهُ نَفْسَهَا , قَالَتْ : فَحَثَى لِي ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ تَمْرٍ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ جَهِدَتْ مِنْ الْجُوعِ , فَأَخْبَرَتْ عُمَرَ , فَكَبَّرَ وَقَالَ : مَهْرٌ مَهْرٌ مَهْرٌ وَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ قال أبو محمد رحمه الله : قَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَرَ الزِّنَى , إِلاَّ مَا كَانَ مُطَارَفَةً , وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهِ عَطَاءٌ أَوْ اسْتِئْجَارٌ فَلَيْسَ زِنًى ، وَلاَ حَدَّ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَأَصْحَابُنَا , وَسَائِرُ النَّاسِ , هُوَ زِنًى كُلُّهُ وَفِيهِ الْحَدُّ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ , وَالشَّافِعِيُّونَ , فَعَهِدْنَا بِهِمْ يُشَنِّعُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا عُمَرَ رضي الله عنه ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , بَلْ هُمْ يَعُدُّونَ مِثْلَ هَذَا إجْمَاعًا , وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِسُكُوتِ مَنْ بِالْحَضْرَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ النَّكِيرِ لِذَلِكَ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ ذَكَرَ فِي خَبَرِهِ أَنَّهَا قَدْ كَانَ جَهَدَهَا الْجُوعُ قلنا لَهُمْ : وَهَذَا أَيْضًا أَنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ بِهِ , وَلاَ تَرَوْنَهُ عُذْرًا مُسْقِطًا لِلْحَدِّ , فَلاَ رَاحَةَ لَكُمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي الطُّفَيْلِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ أَبِي الطُّفَيْلِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ عُمَرَ عَذَرَهَا بِالضَّرُورَةِ , بَلْ فِيهِ : أَنَّهُ دَرَأَ الْحَدَّ مِنْ أَجْلِ التَّمْرِ الَّذِي أَعْطَاهَا وَجَعَلَهُ عُمَرُ مَهْرًا. وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ الْمُقَلِّدُونَ لأََبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا فَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا الَّتِي لاَ يَكَادُ يُوجَدُ لَهَا نَظِيرٌ : أَنْ يُقَلِّدُوا عُمَرَ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ هَاهُنَا بِأَنَّ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ تَمْرٍ مَهْرٌ , وَقَدْ خَالَفُوا هَذِهِ الْقَضِيَّةَ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يُجِيزُوا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ مِثْلَ هَذَا وَأَضْعَافَهُ مَهْرًا , بَلْ مَنَعُوا مِنْ أَقَلِّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الأَسْتِخْفَافُ حَقًّا , وَالأَخْذُ بِمَا اشْتَهَوْا مِنْ قَوْلِ الصَّاحِبِ حَيْثُ اشْتَهَوْا , وَتَرْكُ مَا اشْتَهَوْا تَرْكُهُ مِنْ قَوْلِ الصَّاحِبِ إذَا اشْتَهَوْا , فَمَا هَذَا دِينًا وَأُفٍّ لِهَذَا عَمَلاً , إذْ يَرَوْنَ الْمَهْرَ فِي الْحَلاَلِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لاَ أَقَلَّ , وَيَرَوْنَ الدِّرْهَمَ فَأَقَلَّ مَهْرًا فِي الْحَرَامِ , إِلاَّ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّطْرِيقُ إلَى الزِّنَى , وَإِبَاحَةُ الْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ , وَعَوْنٌ لاَِبْلِيسَ عَلَى تَسْهِيلِ الْكَبَائِرِ , وَعَلَى هَذَا لاَ يَشَاءُ زَانٍ ، وَلاَ زَانِيَةٌ أَنْ يَزْنِيَا عَلاَنِيَةً إِلاَّ فَعَلاَ وَهُمَا فِي أَمْنٍ مِنْ الْحَدِّ , بِأَنْ يُعْطِيَهَا دِرْهَمًا يَسْتَأْجِرُهَا بِهِ لِلزِّنَى. فَقَدْ عَلِمُوا الْفُسَّاقُ حِيلَةً فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ , بِأَنْ يُحْضِرُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ امْرَأَةَ سَوْءٍ زَانِيَةً وَصَبِيًّا بِغَاءً , ثُمَّ يَقْتُلُوا الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ شَاءُوا , وَلاَ قَتْلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ وَالصَّبِيِّ الْبِغَاءِ , فَكُلَّمَا اسْتَوْقَرُوا مِنْ الْفِسْقِ خَفَّتْ أَوْزَارُهُمْ وَسَقَطَ الْخِزْيُ وَالْعَذَابُ عَنْهُمْ. ثُمَّ عَلَّمُوهُمْ وَجْهَ الْحِيلَةِ فِي الزِّنَى , وَذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا بِتَمْرَتَيْنِ وَكِسْرَةِ خُبْزٍ لِيَزْنِيَ بِهَا ثُمَّ يَزْنِيَانِ فِي أَمْنٍ وَذِمَامٍ مِنْ الْعَذَابِ بِالْحَدِّ الَّذِي افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ عَلَّمُوهُمْ الْحِيلَةَ فِي وَطْءِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ , بِأَنْ يَعْقِدُوا مَعَهُنَّ نِكَاحًا ثُمَّ يَطَئُونَهُنَّ عَلاَنِيَةً آمِنِينَ مِنْ الْحُدُودِ. ثُمَّ عَلَّمُوهُمْ الْحِيلَةَ فِي السَّرِقَةِ أَنْ يَنْقُبَ أَحَدُهُمْ نَقْبًا فِي الْحَائِطِ وَيَقِفَ الْوَاحِدُ دَاخِلَ الدَّارِ وَالآخَرُ خَارِجَ الدَّارِ , ثُمَّ يَأْخُذَ كُلَّ مَا فِي الدَّارِ فَيَضَعَهُ فِي النَّقْبِ , ثُمَّ يَأْخُذُهُ الآخَرُ مِنْ النَّقْبِ , وَيَخْرُجَا آمِنِينَ مِنْ الْقَطْعِ. ثُمَّ عَلَّمُوهُمْ الْحِيلَةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ عُودًا صَحِيحًا فَيَكْسِرَ بِهِ رَأْسَ مَنْ أَحَبَّ حَتَّى يَسِيلَ دِمَاغُهُ وَيَمُوتَ وَيَمْضِيَ آمِنًا مِنْ الْقَوَدِ وَمِنْ غُرْمِ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ. وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الأَقْوَالَ الْمَلْعُونَةَ , وَمَا قَالَ أَئِمَّةُ الْمُحَدِّثِينَ مَا قَالُوا بَاطِلاً وَنَسْأَلُ اللَّهَ السَّلاَمَةَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ لاََصَابُوا , بَلْ خَالَفُوا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ , وَمَا تَعَلَّقُوا بِشَيْءٍ إِلاَّ بِتَقْلِيدٍ مُهْلِكٍ , وَرَأْيٍ فَاسِدٍ , وَاتِّبَاعِ الْهَوَى الْمُضِلِّ قال أبو محمد رحمه الله : وَحَدُّ الزِّنَى وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ , بَلْ جُرْمُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ جُرْمِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ , لأََنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُسْتَأْجَرَةَ زَنَيَا كَمَا زَنَى غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ ، وَلاَ فَرْقَ , وَزَادَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ عَلَى سَائِرِ الزِّنَى حَرَامًا آخَرَ وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. وَأَمَّا الْمُخْدِمَةُ فَرُوِيَ ، عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ صَاحِبِ مَالِكٍ : أَنَّ الْمُخْدِمَةَ سِنِينَ كَثِيرَةً لاَ حَدَّ عَلَى الْمُخْدَمِ إذَا وَطِئَهَا وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ وَمَعَ فَسَادِهِ سَاقِطٌ : أَمَّا فَسَادُهُ فَإِسْقَاطُهُ الْحَدَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّنَى. وَأَمَّا سُقُوطُهُ فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمُخْدِمَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً , وَالْمُخْدِمَةِ مُدَّةً قَصِيرَةً , وَيُكَلَّفُ تَحْدِيدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ الَّتِي يَسْقُطُ فِيهَا الْحَدُّ , فَإِنْ حُدَّ مُدَّةً كَانَ مُتَزَيِّدًا مِنْ الْقَوْلِ بِالْبَاطِلِ بِلاَ برهان , وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ شَيْئًا كَانَ مُحَرَّمًا مُوجِبًا شَارِعًا مَا لاَ يَدْرِي فِيمَا لاَ يَدْرِي وَهَذِهِ تَخَالِيطُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا. وَالْحَدُّ كَامِلٌ وَاجِبٌ عَلَى الْمُخْدَمِ وَالْمُخْدِمَةِ , وَلَوْ أَخْدَمَهَا عُمْرَ نُوحٍ فِي قَوْمِهِ لأََنَّهُ زَنَى وَعَهَرَ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ فِرَاشًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِذَلِكَ عَنْهُ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ فَلاَ يُسْقِطُهُ زَوَاجُهُ إيَّاهَا. وَكَذَلِكَ إذَا زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وقال أبو حنيفة : لاَ حَدَّ عَلَيْهِ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذِهِ مِنْ تِلْكَ الطَّوَامِّ فَإِنْ قَالُوا : كَيْفَ نَحُدُّهُ فِي وَطْءِ امْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ قلنا لَهُمْ : لَمْ نَحُدَّهُ فِي وَطْئِهِ لَهُمَا وَهُمَا امْرَأَتُهُ وَأَمَتُهُ وَإِنَّمَا نَحُدُّهُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ لَهُمَا وَهُمَا لَيْسَتَا امْرَأَتَهُ ، وَلاَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَلْزَمُهُمْ عَلَى هَذَا الأَعْتِلاَلِ الْفَاسِدِ : أَنَّ مَنْ قَذَفَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَنْ يُلاَعَنَ ، وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ إنْ زَنَى بِهَا فَحَمَلَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا أَنْ يُلْحَقَ بِهِ الْوَلَدُ , وَإِلَّا فَكَيْفَ يَنْفِي عَنْهُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ مِنْهُ أَوْ وَلَدَ أَمَتِهِ مِنْهُ فَإِنْ قَالُوا : لَيْسَ ابْنَ فِرَاشٍ قلنا : صَدَقْتُمْ , وَلِذَلِكَ نَحُدُّهُ عَلَى الْوَطْءِ السَّالِفِ , لأََنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَطْءَ فِرَاشٍ قال أبو محمد رحمه الله : لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ قَتَلَهَا فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلاً وَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ وَالْقِيمَةُ , لأََنَّهَا كُلَّهَا حُقُوقٌ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى , فَلاَ تُسْقِطُهَا الآرَاءُ الْفَاسِدَةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَى يَسْقُطُ إذَا قَتَلَهَا فَمَا سُمِعَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ : أَنْ يَكُونَ يَزْنِي فَيُلْزَمُ الْحَدَّ , فَإِذَا أَضَافَ إلَى كَبِيرَةِ الزِّنَى كَبِيرَةَ الْقَتْلِ لِلنَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى : سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الزِّنَى نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ , وَنَحْمَدُهُ عَلَى السَّلاَمَةِ مِنْهَا كَثِيرًا , وَبِهِ نَسْتَعِينُ. وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ حَرِيمَتَهُ , بِعَقْدِ زَوَاجٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ قال أبو محمد : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيِّ , ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ الرَّقِّيِّ : حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِيهِ , وَقَالَ إبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ , ثُمَّ اتَّفَقَا وَاللَّفْظُ لِهُشَيْمٍ قَالَ : مَرَّ بِي عَمِّي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ : أَيْ عَمِّ أَيْنَ بَعَثَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : بَعَثَنِي إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ , فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ قال أبو محمد رحمه الله : وهذا الخبر مِنْ طَرِيقِ الرِّقَّيْنِ صَحِيحٌ نَقِيُّ الْإِسْنَادِ. وَأَمَّا مِنْ طُرُقِ هُشَيْمٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ , لأََنَّ أَشْعَثَ بْنَ سَوَّارٍ ضَعِيفٌ. وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَنَازِلَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَاهُ هُوَ جَدُّ مُعَاوِيَةَ إلَى رَجُلٍ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَخَمَّسَ مَالَهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ : قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ , وَمَنْ رَوَاهُ فَأَوْقَفَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ , قَدْ كَانَ ابْنُ إدْرِيسَ أَرْسَلَهُ لِقَوْمٍ وَأَسْنَدَهُ لأَخَرِينَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ : وَيُوسُفُ بْنُ مَنَازِلَ ثِقَةٌ ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَبُو قِلاَبَةَ , قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ : حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ بَكَّارٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ الرَّبِيعُ بْنُ الرُّكَيْنِ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ عَنْ الْبَرَاءِ , قَالَ : مَرَّ بِنَا نَاسٌ يَنْطَلِقُونَ قلنا : أَيْنَ تُرِيدُونَ قَالُوا : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ نَضْرِبَ عُنُقَهُ قال أبو محمد رحمه الله : هَذِهِ آثَارٌ صِحَاحٌ تَجِبُ بِهَا الْحُجَّةُ ، وَلاَ يَضُرُّهَا أَنْ يَكُونَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ الْبَرَاءِ , وَمَرَّةً عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ فَقَدْ يَسْمَعُهُ مِنْ الْبَرَاءِ وَيَسْمَعَهُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ فَيُحَدِّثُ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا وَمَرَّةً عَنْ هَذَا , فَهَذَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَفْعَلُ ذَلِكَ , يَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً , وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً , قَالَ : وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ أَوْ ابْنَتَهُ أَوْ حَرِيمَتَهُ أَوْ زَنَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ , فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ , وَهُوَ كُلُّهُ زِنًى , وَالزَّوَاجُ كُلُّهُ زَوَاجٌ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ , وَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلاً , وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي الْعَقْدِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ , وَمَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِي أَبِي حَنِيفَةَ إِلاَّ أَنَّ مَالِكًا فَرَّقَ بَيْنَ الْوَطْءِ فِي ذَلِكَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ , وَبَيْنَ الْوَطْءِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ , فَقَالَ : فِيمَنْ مَلَكَ بِنْتَ أَخِيهِ , أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ , وَعَمَّتِهِ , وَخَالَتِهِ , وَامْرَأَةَ أَبِيهِ , وَامْرَأَةَ ابْنِهِ بِالْوِلاَدَةِ , وَأُمَّهُ نَفْسِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ , وَابْنَتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ , وَأُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ عَارِفٌ بِتَحْرِيمِهِنَّ , وَعَارِفٌ بِقَرَابَتِهِنَّ مِنْهُ ثُمَّ وَطِئَهُنَّ كُلَّهُنَّ عَالِمًا بِمَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّ الْوَلَدَ لاَحِقٌ بِهِ , وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ , لَكِنْ يُعَاقَبُ. وَرَأَى : أَنْ مِلْكَ أُمِّهِ الَّتِي وَلَدَتْهُ , وَابْنَتِهِ , وَأُخْتِهِ , بِأَنَّهُنَّ حَرَائِرُ سَاعَةَ يَمْلِكُهُنَّ , فَإِنْ وَطِئَهُنَّ حُدَّ حَدَّ الزِّنَى. وقال أبو حنيفة : لاَ حَدَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ , وَلاَ حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ , وَابْنَتَهُ , وَأُخْتَه , وَجَدَّتَهُ , وَعَمَّتَهُ , وَخَالَتَهُ , وَبِنْتَ أَخِيهِ , وَبِنْتَ أُخْتِهِ عَالِمًا بِقَرَابَتِهِنَّ مِنْهُ , عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِنَّ عَلَيْهِ , وَوَطِئَهُنَّ كُلَّهُنَّ : فَالْوَلَدُ لاَحِقٌ بِهِ , وَالْمَهْرُ وَاجِبٌ لَهُنَّ عَلَيْهِ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ التَّعْزِيرُ دُونَ الأَرْبَعِينَ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , قَالاَ : فَإِنْ وَطِئَهُنَّ بِغَيْرِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَهُوَ زِنًى , عَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي مِنْ الْحَدِّ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي مَنْ زَنَى بِذَاتِ مَحْرَمٍ : يُرْجَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَالْحَسَنُ : حَدُّهُ حَدُّ الزِّنَى. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَوْفٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي جَمِيلَةَ ني عَمْرُو بْنُ أَبِي هِنْدٍ , قَالَ : إنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ , فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : لَتُفَارِقَنَّ إحْدَاهُمَا , أَوْ لاََضْرِبَنَّ عُنُقَك. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ , كُلُّ مَنْ وَطِئَ حَرِيمَتَهُ عَالِمًا بِالتَّحَرُّمِ عَالِمًا بِقَرَابَتِهَا مِنْهُ , فَسَوَاءٌ وَطِئَهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ , أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ , أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ , فَإِنَّهُ يُقْتَلُ ، وَلاَ بُدَّ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الْحَقُّ فَنَتَّبِعُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَبَدَأْنَا بِمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ لِقَوْلِهِ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ اسْمَ " الزِّنَى " غَيْرُ اسْمِ " النِّكَاحِ " فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرُ حُكْمِهِ. فَإِذَا قُلْتُمْ : زَنَى بِأُمِّهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي وَإِذَا قُلْتُمْ : تَزَوَّجَ أُمَّهُ , فَالزَّوَاجُ غَيْرُ الزِّنَى فَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا هُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ , فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ , مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ , وَلِحَاقِ الْوَلَدِ , وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ تَمْوِيهًا غَيْرَ هَذَا , وَهُوَ كَلاَمٌ فَاسِدٌ , وَاحْتِجَاجٌ فَاسِدٌ , وَعَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ : وَأَمَّا قَوْلُهُ " إنْ اسْمَ الزِّنَى غَيْرُ اسْمِ الزَّوَاجِ " فَحَقٌّ لاَ شَكَّ فِيهِ , إِلاَّ أَنَّ الزَّوَاجَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَأَبَاحَهُ وَهُوَ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الْمُبَارَكُ. وَأَمَّا كُلُّ عَقْدٍ أَوْ وَطْءٍ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ , وَلاَ أَبَاحَهُ بَلْ نَهَى عَنْهُ , فَهُوَ الْبَاطِلُ وَالْحَرَامُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالضَّلاَلُ وَمَنْ سَمَّى ذَلِكَ زَوَاجًا فَهُوَ كَاذِبٌ آفِكٌ مُتَعَدٍّ , وَلَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ فِي الشَّرِيعَةِ إلَيْنَا ، وَلاَ كَرَامَةَ إنَّمَا هِيَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قال أبو محمد رحمه الله : أَمَّا مَنْ سَمَّى كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَوَطْءٍ فَاسِدٍ وَهُوَ الزِّنَى الْمَحْضُ زَوَاجًا , لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى إبَاحَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى , أَوْ إلَى إسْقَاطِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى , إِلاَّ كَمَنْ سَمَّى الْخِنْزِيرَ : كَبْشًا , لِيَسْتَحِلَّهُ بِذَلِكَ الأَسْمِ , وَكَمَنْ سَمَّى الْخَمْرَ : نَبِيذًا , أَوْ طِلاَءً , لِيَسْتَحِلَّهَا بِذَلِكَ الأَسْمِ , وَكَمَنْ سَمَّى الْبَيْعَةَ وَالْكَنِيسَةَ : مَسْجِدًا , وَكَمَنْ سَمَّى الْيَهُودِيَّةَ : إسْلاَمًا وَهَذَا هُوَ الأَنْسِلاَخُ مِنْ الإِسْلاَمِ وَنَقْضُ عَقْدِ الشَّرِيعَةِ , وَلَيْسَ فِي الْمُحَالِ أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : هَذَا نِكَاحٌ فَاسِدٌ , وَهَذَا مِلْكٌ فَاسِدٌ , لأََنَّ هَذَا كَلاَمٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا , وَلَئِنْ كَانَ نِكَاحًا أَوْ مِلْكًا فَإِنَّهُ لَصَحِيحٌ حَلاَلٌ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ الزَّوَاجَ , وَالْمِلْكَ. وَقَالَ تَعَالَى : قال أبو محمد رحمه الله : فإن قال قائل : فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ " إنَّ الْمَمْلُوكَةَ الْكِتَابِيَّةَ لاَ يَحِلُّ وَطْؤُهَا وَإِنْ وَطِئَهَا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ لاَحِقٌ " فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ وَطِئَ أَحَدًا مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَأَوْجَبْتُمْ فِي كُلِّ هَذَا حَدَّ الزِّنَى , وَلَمْ تُلْحِقُوا الْوَلَدَ قلنا : إنَّ الْفَرْقَ فِي ذَلِكَ : هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ مِلْكَ الْيَمِينِ جُمْلَةً , وَحَرَّمَ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ بِالنَّسَبِ , وَالرَّضَاعِ , وَالصِّهْرِ , وَالْمُحْصَنَاتِ مِنْ النِّسَاءِ , تَحْرِيمًا وَاحِدًا مُسْتَوِيًا : فَحُرِّمَتْ أَعْيَانُهُنَّ كُلِّهِنَّ تَحْرِيمًا وَاحِدًا , وَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُنَّ لَمْسٌ , وَلاَ رُؤْيَةٌ عُرْيَةً , وَلاَ تَلَذُّذٌ أَصْلاً , لأََنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتُ الأَعْيَانِ. وَقَالَ تَعَالَى : . فَقُلْنَا لَهُمْ : إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِمَّنْ زَادَهَا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَرَّدٌ , وَعَلَى مَنْ رَوَى ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَقَالَ الرَّاوِي : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى رَجُلٍ ارْتَدَّ فَاسْتَحَلَّ امْرَأَةَ أَبِيهِ , فَقَتَلْنَاهُ عَلَى الرِّدَّةِ , فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ الرَّاوِي , فَهُوَ كَذِبٌ مُجَرَّدٌ , فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ظَنُّ مَا لَيْسَ فِيهِ. فَصَحَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةَ أَبِيهِ بِعَقْدٍ سِمَاهُ نِكَاحًا أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَمَا جَاءَتْ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَقَتْلُهُ وَاجِبٌ ، وَلاَ بُدَّ , وَتَخْمِيسُ مَالِهِ فَرْضٌ , وَيَكُونُ الْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ لَمْ يَرْتَدَّ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ , إنْ كَانَ ارْتَدَّ. فَإِنْ قَالُوا : لَمْ نَجِدْ مِثْلَ هَذَا فِي الْأُصُولِ قلنا لَهُمْ : لاَ أَصْلَ عِنْدَنَا إِلاَّ الْقُرْآنُ , وَالسُّنَّةُ , وَالْإِجْمَاعُ , فَهَذَا الْخَبَرُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ وَلَكِنْ أَخْبِرُونَا : فِي أَيِّ الْأُصُولِ وَجَدْتُمْ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ ابْنَتُهُ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ إحْدَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَهُوَ يَدْرِي عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ فِي كُلِّ ذَلِكَ : فَوَطِئَهُنَّ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ , وَالْمَهْرُ وَاجِبٌ لَهُنَّ عَلَيْهِ , وَالْوَلَدُ لاَحِقٌ بِهِ , فَمَا نَدْرِي هَذَا إِلاَّ فِي غَيْرِ الإِسْلاَمِ. قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ نَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيمَا وَرَدَتْ بِهِ , فَنَقُولُ : إنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ ، وَلاَ بُدَّ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَيُخَمَّسُ مَالُهُ , وَسَوَاءٌ أُمَّهُ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِ , دَخَلَ بِهَا أَبُوهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَأَمَّا مَنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ امْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ سَائِرِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ كَأُمِّهِ الَّتِي وَلَدَتْهُ مِنْ زِنًى أَوْ بِعَقْدٍ بِاسْمِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَعَ أَبِيهِ فَهِيَ أُمُّهُ وَلَيْسَتْ امْرَأَةَ أَبِيهِ , أَوْ أُخْتَهُ , أَوْ ابْنَتَهُ , أَوْ عَمَّتَهُ , أَوْ خَالَتَهُ أَوْ وَاحِدَةً مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ بِصِهْرٍ , أَوْ رَضَاعٍ فَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ : هُوَ زَانٍ , وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَطْ , وَإِنْ أَحْصَنَ عَلَيْهِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ كَسَائِرِ الأَجْنَبِيَّاتِ لأََنَّهُ زَنَى , وَأَمَّا الْجَاهِلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. مَنْ أَحَلَّ لأَخَرَ فَرْجَ أَمَتِهِ قال أبو محمد رحمه الله : سَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَةً أَحَلَّتْ أَمَتَهَا لِزَوْجِهَا , أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَحَلَّ أَمَتَهُ لِذِي رَحِمِهِ , أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَ ذَلِكَ : فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَطَأِ جِدًّا , لأََنَّهُ جَعَلَ الْوَلَدَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ أُمِّهِ , وَأَصَابَ فِي هَذَا , ثُمَّ جَعَلَهُ لاَحِقَ النَّسَبِ بِوَاطِئِ أُمِّهِ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. وَبَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ الْفِرَاشُ وَمَا هُوَ الْعِهْرُ فَقَالَ تَعَالَى : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي أَحَلَّ الْفَرْجَ لَمْ يَهَبْ الرَّقَبَةَ ، وَلاَ طَابَتْ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ , وَلاَ رَضِيَ بِذَلِكَ قَطُّ , فَإِنْ كَانَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ إبَاحَةِ الْفَرْجِ وَحْدَهُ حَلاَلاً فَلاَ يَلْزَمُهُ سِوَاهُ , وَلاَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا رَضِيَ بِهِ فَقَطْ , وَإِنْ كَانَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ إبَاحَةِ الْفَرْجِ حَرَامًا , فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ , وَالْحَرَامُ مَرْدُودٌ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ فَلاَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ هِبَةُ الْفَرْجِ. وَأَمَّا الرَّقَبَةُ فَلَمْ يَرْضَ قَطُّ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ , فَلاَ يَحِلُّ أَخْذُهَا لَهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ , إِلاَّ بِنَصٍّ يُوجِبُ ذَلِكَ أَوْ إجْمَاعٍ قال أبو محمد رحمه الله : فَإِذَا الأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا فَالْوَلَدُ غَيْرُ لاَحِقٍ , وَالْحَدُّ وَاجِبٌ , إِلاَّ أَنْ يَكُونَ جَاهِلاً بِتَحْرِيمِ مَا فَعَلَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ أَحَلَّ فَرْجَ أَمَتِهِ لِغَيْرِهِ ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُوسًا يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إذَا أَحَلَّتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ , أَوْ ابْنَتُهُ , أَوْ أُخْتُهُ لَهُ جَارِيَتَهَا فَلْيُصِبْهَا وَهِيَ لَهَا , فَلْيَجْعَلْ بِهِ بَيْنَ وِرْكَيْهَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بِهِ بَأْسًا , وَقَالَ : هُوَ حَلاَلٌ فَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا حُرٌّ , وَالأَمَةُ لأَمْرَأَتِهِ , وَلاَ يَغْرَمُ الزَّوْجُ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَادَوَيْهِ عَنْ طَاوُوس ، أَنَّهُ قَالَ : هُوَ أَحَلَّ مِنْ الطَّعَامِ , فَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا الَّذِي أَحَلَّتْ لَهُ , وَهِيَ لِسَيِّدِهَا الأَوَّلِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : كَانَ يُفْعَلُ , يُحِلُّ الرَّجُلُ وَلِيدَتَهُ لِغُلاَمِهِ , وَابْنِهِ , وَأَخِيهِ وَتُحِلُّهَا الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا. قَالَ عَطَاءٌ : وَمَا أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ , وَمَا بَلَغَنِي عَنْ ثَبْتٍ , قَالَ : وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُرْسِلُ بِوَلِيدَتِهِ إلَى ضَيْفِهِ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا قَوْلٌ . وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وقال مالك , وَأَصْحَابُهُ : لاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ أَصْلاً. ثُمَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ : فَمَرَّةً قَالَ : هِيَ لِمَالِكِهَا الْمُبِيحِ مَا لَمْ تَحْمِلْ , فَإِنْ حَمَلَتْ قُوِّمَتْ عَلَى الَّذِي أُبِيحَتْ لَهُ. وَمَرَّةً قَالَ : تُقَامُ بِأَوَّلِ وَطْئِهِ عَلَى الَّذِي أُبِيحَتْ لَهُ حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إذَا أَحَلَّتْ فَقَدْ صَارَ مِلْكُهَا لِلَّذِي أُحِلَّتْ لَهُ بِكُلِّيَّتِهَا : كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ , وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ , قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ : وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ الْحَسَنِ , ثُمَّ اتَّفَقَا : إذَا أُحِلَّتْ الأَمَةُ لأَِنْسَانٍ فَعِتْقُهَا لَهُ , وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ : أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ : امْرَأَتِي أَحَلَّتْ جَارِيَتَهَا لأََبِيهَا , قَالَ : فَهِيَ لَهُ فَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى غَيْرِ هَذَا : كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يُحِلُّ الْجَارِيَةَ لِلرَّجُلِ فَقَالَ : إنْ وَطِئَهَا جُلِدَ مِائَةً أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ ، وَلاَ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ , وَلاَ يَرِثُهُ , وَلَهُ أَنْ يَفْتَدِيَهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ. وَقَالَ آخَرُونَ : بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ جُمْلَةً : كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ : إنَّ أُمِّي كَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ , وَإِنَّهَا أَحَلَّتْهَا لِي أَنْ أَطَأَهَا عَلَيْهَا قَالَ : لاَ تَحِلُّ لَك إِلاَّ مِنْ إحْدَى ثَلاَثٍ : إمَّا أَنْ تَتَزَوَّجَهَا وَأَمَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا , وَأَمَّا أَنْ تَهَبَهَا لَك ". وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : لاَ يَحِلُّ لَك أَنْ تَطَأَ إِلاَّ فَرْجًا لَك إنْ شِئْت بِعْتَ , وَإِنْ شِئْت وَهَبْتَ , وَإِنْ شِئْت أَعْتَقْتَ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : لاَ تُعَارُ الْفُرُوجُ قال أبو محمد رحمه الله : أَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ عَنْهُ وَعَنْ طَاوُوس فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ , وَلَكِنَّا لاَ نَقُولُ بِهِ , إذْ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ , وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ قَبْلَهُ وَيَبْطُلُ قَوْلُهُ فِي التَّقْوِيمِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ قَوْلُ مَنْ رَأَى أَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْإِبَاحَةِ , إِلاَّ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ : زَادَ إيجَابَ الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَالْحَسَنِ , وَمُجَاهِدٍ قَدْ تَقَدَّمَ إبْطَالُنَا إيَّاهُ بِأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يَلْزَمَ الْمَرْءُ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ , إِلاَّ أَنْ يُلْزِمَهُ ذَلِكَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ , فَمَنْ أَبَاحَ الْفَرْجَ وَحْدَهُ فَلَمْ يُبِحْ الرَّقَبَةَ , فَلاَ يَحِلُّ إخْرَاجُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ عَنْ يَدِهِ بِالْبَاطِلِ وَلَيْسَ إِلاَّ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا جَوَازُ هِبَتِهِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَأَمَّا إبْطَالُهُ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فَالرَّقَبَةُ فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا , لاَ يَحِلُّ سِوَى ذَلِكَ أَصْلاً. وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فَخَطَأٌ أَيْضًا لاَ يَخْلُو وَطْءُ الْفَرْجِ الَّذِي أُحِلَّ لَهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ زَانِيًا فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى مِنْ الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ أَوْ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ أَوْ يَكُونَ غَيْرَ زَانٍ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الأَقْتِصَارُ عَلَى مِائَةِ جَلْدَةٍ فَلاَ وَجْهَ لَهُ , وَلاَ يَلْحَقُ الْوَلَدُ هَاهُنَا أَصْلاً جَاهِلاً كَانَ أَوْ عَالِمًا لأََنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا أَصْلاً , وَلاَ لَهُ فِيهَا عَقْدٌ , وَلاَ مَهْرَ عَلَيْهِ أَيْضًا , لأََنَّ مَالَهُ حَرَامٌ , إِلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ , وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرَ هَاهُنَا نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ وَعَلَى الْمُحَلِّلِ التَّعْزِيرُ إنْ كَانَ عَالِمًا فَإِنْ كَانُوا جُهَّالاً , أَوْ أَحَدُهُمْ فَلاَ شَيْءَ عَلَى الْجَاهِلِ أَصْلاً. الشُّهُودُ فِي الزِّنَى لاَ يُتِمُّونَ أَرْبَعَةً قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ قَوْمٌ : إذَا لَمْ يُتِمَّ الشُّهُودُ أَرْبَعَةً حُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ : كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَزِيَادًا , وَنَافِعًا , وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ , كَانُوا فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي غُرْفَةٍ وَرَجُلٌ فِي أَسْفَلِ ذَاكَ , إذْ هَبَّتْ رِيحٌ فَتَحَتْ الْبَابَ وَوَقَعَتْ الشَّقَّةُ , فَإِذَا رَجُلٌ بَيْنَ فَخْذَيْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ اُبْتُلِيَا بِمَا تَرَوْنَ , فَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا عَلَى أَنْ يَقُومُوا بِشَهَادَتِهِمْ , فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ فَمَنَعَهُ أَبُو بَكْرَةَ , وَقَالَ : لاَ وَاَللَّهِ لاَ تُصَلِّي بِنَا , وَقَدْ رَأَيْنَا مَا رَأَيْنَا فَقَالَ النَّاسُ : دَعُوهُ فَلْيُصَلِّ فَإِنَّهُ الأَمِيرُ , وَاكْتُبُوا بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبُوا إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَنْ اُقْدُمُوا عَلَيَّ فَلَمَّا قَدِمُوا شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرَةَ , وَنَافِعٌ , وَشِبْلٌ , وَقَالَ زِيَادٌ : قَدْ أُرِيت رِعَةَ سِيِّهِ , وَرَأَيْت وَرَأَيْت , وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي أَنَكَحَهَا أَمْ لاَ فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ , إِلاَّ زِيَادًا فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ : أَلَسْتُمْ قَدْ جَلَدْتُمُونِي قَالُوا : بَلَى , قَالَ : فَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَلْفَ مَرَّةٍ لَقَدْ فَعَلَ فَأَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَجْلِدَهُ الثَّانِيَةَ , فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إنْ كَانَتْ شَهَادَةُ أَبِي بَكْرَةَ شَهَادَةَ : رَجُلَيْنِ فَارْجُمْ صَاحِبَك وَإِلَّا فَقَدْ جَلَدْتُمُوهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثَلاَثَةٌ بِالزِّنَى وَنَكَلَ زِيَادٌ , فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلاَثَةَ , وَقَالَ لَهُمْ : تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ فَتَابَ اثْنَانِ وَلَمْ يَتُبْ أَبُو بَكْرَةَ فَكَانَتْ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَأَبُو بَكْرَةَ أَخُو زِيَادٍ لأَُمِّهِ فَحَلَفَ أَبُو بَكْرَةَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ زِيَادًا أَبَدًا , فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ أَبِي الْوَضَّاحِ قَالَ : شَهِدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِالزِّنَى , وَقَالَ الرَّابِعُ : رَأَيْتهمَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ , فَإِنْ كَانَ هَذَا زِنًى فَهُوَ ذَاكَ , فَجَلَدَ عَلِيٌّ الثَّلاَثَةَ وَعَزَّرَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ قال أبو محمد رحمه الله رَحِمَهُ اللَّهُ : وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُهُمَا. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا : لاَ يُحَدُّ الشَّاهِدُ بِالزِّنَى أَصْلاً كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا لِيَلُوحَ الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتَّبِعُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى , فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ : يُحَدُّ الشُّهُودُ إذَا لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً , بِأَنْ ذَكَرُوا : مَا ناه حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَرِّجِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ لاَ تُقْبَلَ شَهَادَةُ ثَلاَثَةٍ , وَلاَ اثْنَيْنِ , وَلاَ وَاحِدٍ , عَلَى الزِّنَى وَيُجْلَدُونَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً , وَلاَ تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةٌ أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ تَوْبَةٌ نَصُوحٌ وَإِصْلاَحٌ. وَقَالُوا : حُكْمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِحَضْرَةِ عَلِيٍّ وَعِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ , فَكَانَ هَذَا إجْمَاعًا , وَهَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ , مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا , إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي رَمَى امْرَأَتَهُ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ. قال أبو محمد رحمه الله : وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ : أَمَّا خَبَرُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَمُنْقَطِعٌ أَقْبَحُ انْقِطَاعٍ لأََنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي مُرْسَلٍ , وَلاَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ , فَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا عَلَيْنَا بِهِ , لأََنَّنَا لاَ نَقُولُ بِهِ أَصْلاً , فَيُلْزِمُونَا إيَّاهُ عَلَى أَصْلِنَا , وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهِ فَيَحْتَجُّوا بِهِ عَلَى أُصُولِهِمْ قال أبو محمد رحمه الله : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ " إنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ سَوَاءٌ كَانَ وَحْدَهُ لاَ أَحَدَ مَعَهُ أَوْ اثْنَيْنِ كَذَلِكَ , أَوْ ثَلاَثَةً كَذَلِكَ " فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِلْقَاذِفِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ. فَصَحَّ يَقِينًا لاَ مِرْيَةَ فِيهِ بِنَصِّ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلاَمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَاذِفِ الرَّامِي , لاَ عَلَى الشُّهَدَاءِ , وَلاَ عَلَى الْبَيِّنَةِ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا مِنْ شَهْرِكُمْ هَذَا فَبَشَرَةُ الشَّاهِدِ حَرَامٌ بِيَقِينٍ لاَ مِرْيَةَ فِيهِ , وَلَمْ يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ , وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ , يُجْلَدُ الشَّاهِدُ فِي الزِّنَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ فَرَّقَ الْقُرْآنُ ; وَالسُّنَّةُ , بَيْنَ الشَّاهِدِ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَ الْقَاذِفِ الرَّامِي , فَلاَ يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَكُونَ لأََحَدِهِمَا حُكْمُ الآخَرِ فَهَذَا حُكْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّ الأَمَةَ كُلَّهَا مُجْمِعَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ , فَتَمُّوا عُدُولاً أَرْبَعَةً , فَإِنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ لَوْ أَنَّ أَلْفَ عَدْلٍ قَذَفُوا امْرَأَةً أَوْ رَجُلاً كَذَلِكَ بِالزِّنَى مُجْتَمِعِينَ , أَوْ مُفْتَرِقِينَ : أَنَّ الْحَدَّ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ إنْ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ , فَإِنْ جَاءُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ : سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَذْفَةِ فَقَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ لَنَا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ حُكْمِ الْقَاذِفِ وَبَيْنَ حُكْمِ الشَّاهِدِ ، وَأَنَّ الْقَاذِفَ لَيْسَ شَاهِدًا , وَأَنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ قَاذِفًا , فَقَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا بِلاَ شَكٍّ , وَصَحَّ الْيَقِينُ بِبُطْلاَنِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : بِأَنْ يُحَدَّ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدَانِ وَالثَّلاَثَةُ , إذَا لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً , لأََنَّهُمْ لَيْسُوا قَذْفَةً , وَلاَ لَهُمْ حُكْمُ الْقَاذِفِ وَهَذَا هُوَ الْإِجْمَاعُ حَقًّا , الَّذِي لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ. وَأَمَّا طَرِيقُ النَّظَرِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّهُ لَوْ كَانَ مَا قَالُوا لَمَا صَحَّتْ فِي الزِّنَا شَهَادَةٌ أَبَدًا , لأََنَّهُ كَانَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إذَا شَهِدَ بِالزِّنَى صَارَ قَاذِفًا عَلَيْهِ الْحَدُّ عَلَى أَصْلِهِمْ فَإِذْ قَدْ صَارَ قَاذِفًا فَلَيْسَ شَاهِدًا , فَإِذَا شَهِدَ الثَّانِي فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَصِيرُ قَاذِفًا وَهَذَا فَاسِدٌ كَمَا تَرَى , وَخِلاَفٌ لِلْقُرْآنِ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بِالزِّنَى , وَخِلاَفُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ بِوُجُوبِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ فِي الزِّنَى , وَخِلاَفُ الْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقِّن بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَى , وَخِلاَفُ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ فِي أَنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ قَاذِفًا , وَالْقَاذِفَ لَيْسَ شَاهِدًا. وَأَيْضًا فَنَقُولُ لَهُمْ : أَخْبِرُونَا عَنْ الشَّاهِدِ إذَا شَهِدَ عَلَى آخَرَ بِالزِّنَى وَهُوَ عَدْلٌ : مَاذَا هُوَ الآنَ عِنْدَكُمْ : أَشَاهِدٌ أَمْ قَاذِفٌ أَمْ لاَ شَاهِدَ ، وَلاَ قَاذِفَ ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَإِنْ قَالُوا : وَهُوَ شَاهِدٌ قلنا : صَدَقْتُمْ , وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ , وَإِذْ هُوَ شَاهِدٌ فَلَيْسَ قَاذِفًا حِينَ نَطَقَ بِالشَّهَادَةِ , فَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَصِيرَ قَاذِفًا إذَا سَكَتَ وَلَمْ يَأْتِ بِثَلاَثَةِ عُدُولٍ إلَيْهِ , وَلَيْسَ فِي الْمُحَالِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لاَ قَاذِفًا , فَإِنْ تَكَلَّمَ بِإِطْلاَقِ الزِّنَى عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ , ثُمَّ يَصِيرُ قَاذِفًا لاَ شَاهِدًا إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ ، وَلاَ نَطَقَ بِحَرْفٍ فَهَذَا مُحَالٌ لاَ إشْكَالَ فِيهِ , وَإِنْ قَالُوا هُوَ قَاذِفٌ فَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ بِلاَ شَكٍّ , فَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ.
|